بشارة مرقس يسوع والتلاميذ

في بدء انجيل مرقس لا يظهر يسوع وحده بل مع التلاميذ وعن يدهم يجب أن يواصل العمل الذي شرع فيه فقد روى مرقس دعوة يسوع أربعة صيادين إلى اتباعه منذ أول نشاطه في الجليل من غير أن يهتم الكاتب على الاطلاق هل كان ذلك الأمر محتملاً من جهة التاريخ أو الأستعداد النفسي مرقس 1 : 16 - 20 وكان المعلم دائماً أبداً مصحوباً ببعض التلاميذ إلا عندما يرسلهم إلى التبشير مرقس 6 : 7 - 30 ولا يبقى وحده إلا في الآلام بهد هربهم ولا ينتهي الكتاب دون أن يشار مرتين إلى تجمعهم ثانية في الجليل حول المسيح الذي قام من بين الأموات مرقس 14 : 28 ، 16 : 7 وان المنزلة التي يخضونه بها في سياق الرواية تمكن من فصل هذه الرواية إلى عدة أقسام في المرحلة الأولى من مراحل ظهور يسوع ثلاثة مشاهد توضه ما بينه وبين تلاميذه من تشارك وهي دعوة الأربعة إلى صيد الناس مرقس 1 : 16 - 20 واختيار الاثني عشر للعيش معه وللرسالة مرقس 3 : 13 - 19 والرسالة عذه يعينها مرقس 6 : 7 - 13 وهذه الروايات الثلاث المصحوبة بنظرات إجمالية على نشاط يسوع أو على ردود الفعل التي كان يثيرها مرقس 1 : 14 ، 15 ، 3 : 7 - 12 ، 6 : 14 - 16 كما لو كان في الراوي حاجة إلى معرفة طريقه قبل ان يواصل سيره وفي القسم الاول مرقس 1 : 16 ، 3 : 6 يبقى التلاميذ بلا عمل إلى جانب يسوع ولكن يسوع يبدو متضامناً معهم تجاه الانتقادات التي يثيرهم موقفهم من العمل بسنة شريعة اليهود مرقس 2 : 13 - 28 ) وفي القسم الثاني مرقس 3 : 7 ، 6 : 6 يظهر لنا أختلافهم عن خصوم يسوع وعن قرابته الجسدية مرقس 3 : 20 - 35 ويميزهم من الجمع لأنهم ينالون تعليماً خاصاً مرقس 4 : 10 - 25 ، 33 - ، 34 ويحظون بمشاهدة معجزات مدهشة مرقس 4 : 35 ، 5 : 43 وقطع العلاقات مع الناصرة يمهد للقسم الثالث مرقس 6 : 7 ، 8 : 30 وفيه يبدو الاثنا عشر وقد أرسلوا للتبشير ليكونوا رسلاً مرقس 6 : 30 مكلفين بتغذية الجمع مرقس 6 : 34 -44 ، 8 : 6 وفي أثناء ذلك يكشف للتلاميذ أسرار تفوق إدراكهم مرقس 6 : 45 - 52 ، 7 : 17 - 23 فتزداد غلاظة فهمهم مرقس 6 : 52، 7 : 18 ، 18 : 14 - 21 بعدما وبخوا توبيخاً عنيفاً عند التعليم بالأمثال مرقس 14 : 13 ولشفاء أعمى في خاتمة هذا القسم مرقس 8 : 22 - 26 قيمة مثالية في الكلام عليهم وبعد أعتراف بطرس بالمشيح لقي كل النبؤات الثلاث عن الآلام والقيامة عدم تفهم التلاميذ لها وأدى كل مرة إلى إعلان شديد اللهجة على حالة الانسان بمفرده مرقس 8 : 34 - 38 أو في الجماعة مرقس 9 : 33 - 50 ، 10 : 35 ، 34 وعلى ما يطلب من الذين يتبعون يسوع وهم يحملون صليبهم واذا اتفق ان يظهر في بعض المشاهد الجمع وأناس آخرون غير التلاميذ فإن يسوع يوجه كلامه إلى تلاميذه بوجه خاص أو يفسر لهم عندما ينفرد بهم ما يطلبه منهم مرقس 9 : 28 ، 29 ، 10 : 10 - 16 ، 23 - 31 وهناك انتقال متواصل من المعلم إلى التلميذ وانتقال لكل واحد من التواضع الاختياري إلى المجد الموعود به ويريد يسوع إشراكهم في مصيره ولكنهم يبقون هم بلا فهم وهذا القسم إيضاً يختم بشفاء أعمى أخذ يتبع يسوع مرقس 10 : 46 - 52 ) وأما القسمان التاليان مرقس الفصول 11 - 16 فاننا نرى فيهما يسوع مع الجمع ومع خصومه ومع قضاته واأحاديث فيهما مع التلاميذ كثيرة مهمة فإن يسوع يطلعهم على قدرة الايمان والصلاة مرقس 11 : 20 - 25 وينبئهم كيف يسيرون استعداداً لمجيء ابن الانسان مرقس 13 : 1 - 37 ويشرح لهم معنى موته في انتظار ملكوت الله مرقس 14 : 22 - 25 وينبئهم بارتدادهم مرقس 14 : 26 - 31 ويحذرهم من التجربة مرقس 14 : 37 - 40 ولكن هربهم في جتسماني وانكار بطرس ثلاث مرات يدلان على فشلهم في اتباع يسوع ومع ذلك لم ينته كل شيء فان يسوع بعد قيامته يتقدمهم إلى الجليل مرقس 14 : 28 ، 16 : 7 لا شك أن التشديد على بطئهم في الايمان وعدم فهمهم المتواصل وتقصيرهم في الساعة التي يتم فيها ظهور المسيح ابن الله تعود كلها إلى مقصد أعمل فيه الفكر هذا وان دورهم المعترف به وما يعترف به لهم من عمل في متابعغة اعلان البشارة يحول دون القول ان هناك حملة على التلاميذ الأولين ولما لم ينم الايمان بيسوع إلا بعد الفصح فكان من الممكن ان تبدو حياته في الأرض لعيني مرقس زمن ظهور حقيقي ولكن تعترض سبيله كتمان السر ويحده عدم فهم التلاميذ وعدم الفهم هذا يبرز على وجه غير منتظر سر يسوع ذلك السر الذي لا يمكن تفسيره بمعزل عن الايمان الفصحي وعدم الفهم هذا له قيمة مثالية لايمان المسيحيين المعرض دائماً كإيمان التلاميذ للتقصير في مسايرة الوحي الإلهي فالاصليب لا يزال حجر عثرة ويقتضي الانجيل لكي يكون معلناً ومقبولاً في خقيقته لا الأمانة لكلام شهادة الايمان فقط بل على الخصوص أصالة الحياة في أتباع يسوع أيضاً ولا يدرك معنى سره بمعزل عن اعتناق التلميذ بما يرافقها من بطء وعسر

تعليقات